الشاعر محمد فتحى السيد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشاعر محمد فتحى السيد

الموقع الرسمي للشاعر محمد فتحى السيد مؤسس ورئيس مجلس إدارة رابطة شعراء العامية المصرية في 24 / 1 / 2011 شعر وأدب ونقد ودراسات أدبية وقراءات تحليلية وسجالات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  الطاحونة - نجيب محفوظ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 204
تاريخ التسجيل : 30/10/2017
الموقع : جمهورية مصر العربية

 الطاحونة -  نجيب محفوظ Empty
مُساهمةموضوع: الطاحونة - نجيب محفوظ    الطاحونة -  نجيب محفوظ Emptyالخميس نوفمبر 02, 2017 1:13 pm

كانوا ثلاثة قيل انهم خرجوا الى الدنيا فى يوم واحد . و حديث الأعمار يبوح بأسراره فى حارتنا عند الحوار بين الأمهات حتى بلغوا السادسة . عند ذاك حجزت البنت لتصبح خفية وراء الجدران و استمر الصديقان فى اللعب و التذكر . أما رزق فيتذكرها كلما احتاجوا الى ثالث فى لعبة من الألعاب ، و أما عبده فحتما منذ تلك المبكرة كان يشعر بها حبيبة للقلب على نحو ما . و منذ تلك السن المبكرة أيضا أدرك أن عليه أن ينتظر عشر سنوات قبل أن يحقق أمله المشروع .
و كان عبده من الذين يملكون ، أما رزق فممن لا يملكون . و تزاملا فى الكتاب كما تزاملا فى اللعب . و انقطع رزق عن التعليم بحكم فقره و واصله عبده حتى نال الابتدائية . و منذ ذلك الزمن البعيد و رزق يتشكل فى وجدان عبده مثالا فائقا فى القوة و الجرأه و المهارة فاحترمة و اعجب به و تبعة رغم فارق الغنى و الفقر .
و لما مات والد عبده حل الفتى محل أبيه فى مطحن البن الذي ورثه . و كان الأب قد دربه ، كما أن العمال القدامى أخلصوا له أيما إخلاص ، و لكنه سرعان ما ضم صديقه رز الى المطحن كمعاون له ، و كان كل ما حصله كل منهما فى التعليم كافيا له فى عمله ، و تجلت ألمعيه رزق فى متابعة العمل من شرائه كـ (بن)
أخضر الى تحميصه و طحنه و تعبئته و توزيعه . و قال لأسرته مفسرا قراره بتعيين رزق :
أنا لا أجد الطمأنينة الا معه .
ذلك حق . لم يتخل عن خدمته قط . يدفع أى أذى الصبيه . يسارع الى نجدته كلما احتاج الى نجدة . يسعفه بالرأى و المشورة . و لما ضمه الى المحل قال له :
كن فى العمل ما كنته فى الحارة ، عينى و أذن و يدى ..
و فى وقت قصير استحق أن يلقب بالوكيل . انه الرقيب بين العمال الدائب على رعاية الطاحونه ، و أنشط من قام بتوزيع البن فى الدكاكين و المقاهى . يا له من طاقة لا تخمد . و أصبح هو لا يدرى كبيرة أو صغيرة من محلة الا عن طريقة . بالمقارنه أصبح هو لا شىء و الآخر كل شىء .
و كان ارتياحه لذلك أضعاف ضيقه به لما طبع عليه من كسل و حب الحياة اليسيرة و الميل الى الاستمتاع بالسهر كل ليلة فى المقهى أو الغرزة . و كان العملاء يقصدون رزق لعقد الصفقات و كأنه مالك كل شىء . و لاحظ خال عبده ذلك و هو فى غاية من الاستياء و لكن الشاب قال له :
- بكلمة واحده منى يتغير كل شىء ، أريد أن تجرى الأمور على ما تجرى عليه ، و أنا يا خالي أحب المال و لا أحب العمل ، و رزق أمين ، و هو هدية ربنا الى ..
و مضت الأمور فى طريقها المرسوم حتى قال عبده لرزق يوما :
- آن لى أن أفكر بالزواج قبل أن يسرقنا الوقت .
و لم يبد على رزق أنه فوجىء و سأله :
- هل فاتحت أحدا فى الموضوع ؟
- انت أول واحد أفاتحه فيما يهمني ..
- أحسنت ، فالطريق المعتاد الى الزواج هو أردأ الطرق ، فدعنى اتحرى بأسلوبى الخاص و الله يهدينا سواء السبيل ..
هكذا سلمه شئون قلبه ضمن اختصاصاته ن و لم يكن هو رأى ظريفة طيلة السنين الا مرات معدودة ن و لكنه لم يحب من جنس النساء سواها ، غير أنه قال كالمعترض :
أسرتها طيبه و حسنة السمعة و لا حاجة بنا الى التحريات .
هذا كلام الناس الطيبين و لكننا لن نخسر بالسؤال شيئا ..
و انتظر عبده و هو يزداد قلقا و توترا ، و يتساءل فى حنق :
متى تنتهي تلك التحريات المشئومة . و التقت عيناه بعيني صاحبه اذ هما فى المقهى فقرأ فيهما ما أثار خواطره و سأله :
ماذا وراءك ؟
فقال بحزن شديد :
ليس خيرا
فهتف :
يا خبر أسود ،ماذا قلت ؟
هى الحقيقة للأسف ..
لكن ظريفة ملاك .
إنها ليست ملاكا
فغمغم بعد تردد :
أنا أريد البنت :
فقال الآخر بادى الامتعاض :
انت حر .
و انطوى على نفسه يفكر و يفكر . و يتردد بين الإقدام و الإحجام ، و ضاعف من تعاسته أن رزق اعتكف فى بيته لمرض طارىء . و ذات أصيل و هو منفرد بنفسه فى المطحن ترامت الى أذنه زغرودة . و جاءه عامل ليخبره بأن رزق كتب على ظريفة فى حفل خاص و نفر من أهله .
و ثار عبده ثورة جعلته يبدو بين عماله كالمجنون حقيقة لا مجازاً
و زاره قريب لرزق يحمل اليه اعتذره و قوله انه فعل ما فعل لينقذه من شر كبير كان حتما سيقع فيه . و ضاعف الاعتذار من جنونه و أعلن طرده من المطحن و توعده بشر من ذلك .
و لكن الذى حدث غير ذلك . و قال لى شيخ الحاره - و هو راوي قصة عبده و رزق و ظريفة- ان عبده عاد مع الأيام الى رشده . و غرق فى عمله لا يدرى ماذا يفعل فاقتنع بأنه لا غنى عن رزق . و عفا عنه و أعاده الى مركزه السابق .
و الأعجب من ذلك كله أنه فاجأنا ذات يوم بالزواج من أم ظريفة !
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://poetmohmedfathy.ahlamontada.com
 
الطاحونة - نجيب محفوظ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر محمد فتحى السيد :: القصص القصيرة و المقالات-
انتقل الى: